(85) س : هل ملا صدرا متناقض بين ما يدعيه وبين ما يتبناه؟
(85) س : هل ملا صدرا متناقض بين ما يدعيه وبين ما يتبناه؟
ج : إن ملا صدرا يقول بنفي التجسيم إلا أنه عند تصوير ذلك يكر على ما فر منه ويقول بالتجسيم ،مثل إقراره بالمعاد الجسماني ولكن عند بيان كيفيته ينفي ما التزم به ويذهب إلى كونه مثالياً غير جسماني ، ونظير ذمه لبعض معاني وحدة الوجود ونسبتها إلى الجهلة من الصوفية ثم يتبناه[1] ، كما يقول الشيخ المظفر في المعنى الذي يتبناه الملا صدرا في وحدة الوجود ووصفه بأنه متهافت متناقض : (الذي استقر عليه رأي المترجم في كتاب الأسفار وغيره ، فلا يتفق مع تلك الأقوال الثلاثة كلها ، بل إن لم يكن قولاً رابعاً فهو جمع بين الأقوال ، يعني أنه يقول أن الاحتمالات الأربعة كلها صحيحة ويجب القول بها جمعاً . فإن الذي يراه أن الوجود متعدد حقيقة ، ولكنه في عين الحال الوجود واحد حقيقة والموجود أيضاً واحد حقيقة فإن شئت قلت بتعدد الوجود والموجود أو بوحدة الوجود والموجود أو بوحدة الوجود وتعدد الموجود أو بتعدد الوجود ووحدة الموجود فكله صحيح ولكن بشرط الجمع بين هذه الأقوال كلها . وهذا من العجيب حقا ، ويبدو أنه متهافت متناقض ، غير أنه يصر عليه كل الإصرار ويقول أن فهمه يحتاج إلى فطرة ثانية . ويرتفع التهافت الظاهر بأن يكون معنى الوجود متعددا حقيقة أنها الحقيقة في قبال المجاز اللغوي ، ومعنى أن الوجود واحد حقيقة أنها الحقيقة في قبال المجاز العرفاني)([2]).
إن من الأمور التي لا بد أن تكون حاضرةً عند مطالعة مصنفات صدرا هو التدقيق بين ما يدعيه وبين ما التزم به مصداقاً وكيفيةً. وبعبارة أخرى لا بد من التفريق بين ما ادعاه وبين ما صوره وذهب إليه عند بيان كيفيته.
وهذا نظير ما فعله الصوفية حيث يلتزمون بالمعاني الصحيحة ، مثل الزهد والتواضع ونبذ حب الجاه ، إلا أنهم يشوهون معانيها الصحيحة ، ويحرفونها إلى غير الرؤية الإسلامية ؛ فالملا صدرا يلتزم ببعض المعاني الصحيحة ثم يعمد إلى تحريفها ونقضها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) تم الكلام في ذلك عند الحديث عن : ( أي معنى من معاني وحدة الوجود يقول ملا صدرا وما حكم المعنى الذي ذهب إليه في نظر السيد الخوئي)
[2] ) المقدمة الكاملة للأسفار،ص32.