الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي43تأثر الأحسائي بالصوفي حيدر الآم
الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي 43 (آخر المقالات في هذا الخصوص)
تأثر الأحسائي بالصوفي حيدر الآملي
إن من دلائل تأثر ابن أبي جمهور الأحسائي بالتصوف تأثره في كلام السيد حيدر الآملي ، والثناء عليه في أكثر من موضع في كتاب المجلي ، فمثلاً نقل كلامه في قلب العارف تحت عنوان : (كلام الآملي في أسرار القلب) حيث يقول : (قال الفاضل المتأخر : المراد بالاتساع ليس مجرد النظر فقط بل المراد قابلية اتصاف القلب بصفاته وأسمائه وأفعاله وعلى الجملة للقلب قابلية اتصافه بما اتصفت ذاته الجامعة للكل…)([1]).
ووصفه بالعلامة المتأخر صاحب الكشف الحقيقي : (السيد العلامة المتأخر صاحب الكشف الحقيقي)([2]).
وقد أشار الخوانساري في روضات الجنات إلى ثناء ابن أبي جمهور الأحسائي على السيد حيدر الآملي عند ترجمته للآملي : (سيد أفاضل المتألهين حيدر بن علي العبيدي الحسيني الآملي هو من أجلة علماء الظاهر ، والباطن ، وأعاظم فضلاء البارز ، والكامن ذكره ابن أبي جمهور الأحسائي الفقيه العارف المشهور بعنوان السيد العلامة المتأخر صاحب الكشف الحقيقي)([3]).
إن السيد حيدر الآملي عليه مؤاخذات كثيرة([4]) بسبب تبنيه معتقدات الصوفية . بل هو من أبرز صوفية الشيعة المدافعين عن التصوف ومعتقداته .
ومن هنا لك أن تعرف أن بعض الثناء والتقييم في كتب السير وأحوال العلماء لا واقع له وغير مستند إلى أسس ورؤية معرفية صحيحة ، مثل ثناء وتقييم الخوانساري في روضات الجنات للصوفي حيدر الآملي.
وقد كان السيد حيدر الآملي شديد التأثر في ابن عربي ومصنفاته مثل الفتوحات والفصوص . بل هو متأثر حتى في مكاشفاته التي أخذها على نحو المسلمات . وعندما تطالع ثناءه على ابن عربي ومصنفاته تحسبه فاق حد الغلو ، وغلب سكر التصوف على دينه وعقله ؛ فمن تصديقه في مكاشفاته وثنائه على الفتوحات المكية يقول : (إن مكة كما صارت موجب الفتح للفتوحات المكية على قلب الشيخ الأعظم بليلة واحدة والمدينة سبب الفتوحات المدنية كذلك وعلى قلوب أمثاله من عباد اللّه تعالى كثيرا ، صار المشهد المقدس الغروي الذي هو مشهد مولانا وسيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب موجب الفتح للفتوحات الغيبية على قلبي إجمالاً ثم تفصيلاً منها : (تأويل القرآن الكريم) وغيره من الكتب كما سبق بيانها في الفهرست ومنها (حقائق فصوص الحكم ومعانيه ومعارفه) هذه على ما ينبغي من غير عمل سابق ولا سبب لاحق بل لمجرد التوجه إلى جنابه والاستدعاء من حضرة جلت قدرته وعظمت منته)([5]).
ومن ضمن تصديقه بمكاشفات ابن عربي وثنائه على فصوصه : (كان للنبي صلى الله عليه وآله كتابان : النازل عليه والصادر منه . أما الكتاب النازل فالقرآن وأما الكتاب الصادر فالفصوص وبينا أنهما عديما المثال والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما وأما الشيخ الأعظم فقد بينا أيضاً أن له كتابين : الواصل إليه والصادر منه . أما الكتاب الواصل إليه ، فالفصوص وأما الكتاب الصادر منه فالفتوحات . وبينا أنهما عديما المثال والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما . وأما الذي لنا فذلك أيضاً كتابان : الفائض علينا والصادر منا أما الكتاب الفائض علينا فهو التأويلات للقرآن الكريم المشتمل على العلوم والمعارف الإلهية القرآنية من أنفسها وأشرفها المحتوي على الرموز والكنايات المصطفوية والدقائق والحقائق المحمدية الصادق عليها ما قال الحق في حق بعض عبيده الخاصين : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومن ثم صار هذا الكتاب موسوما بالمحيط الأعظم والطود الأشم في تأويل كتاب اللّه العزيز المحكم . وصار مرتباً على مجلدات سبعة كبار تبركاً بسبعة من الأنبياء الكبار وبسبعة من الأقطاب وبسبعة من الأبدال بحيث تكون مقدماته مع الفاتحة مجلداً واحداً وكل سدس منه أي من القرآن الكريم مجلد آخر وهذا كالفصوص بالنسبة إلى الشيخ الأعظم وكالقرآن بالنسبة إلى النبي وترتيبه أنه مرتب على تسعة عشر من المقدمات والدوائر لأن المقدمات سبعة والدوائر اثنا عشر تطبيقاً أي مطابقة بالعالم الصوري والمعنوي والكتاب (29 ألف) الأنفسي والكتاب القرآني فإن كل واحد واحد من هذه العوالم والكتب منحصر في تسعة عشر مرتبة لقوله تعالى:[عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ]([6]) وتحقيق هذه الأمور كلها يعرف من الاطلاع عليه يعني على هذا الكتاب وعلى ما في ضمنه . وأما الكتاب الصادر منا فهذا الشرح وإن لم يخل من الفيض فإنه أيضاً جامع لعلوم كثيرة ومعارف جمة . وهو مرتب كما بيناه على سبعة وعشرين دائرة مجدولة وعلى أبواب وفصول متنوعة وأنواع وأقسام متعددة وهو بإزاء الفصوص بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وبإزاء الفتوحات بالنسبة إلى الشيخ الأعظم ولذلك وقعا عديمي المثل والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما ككتابيهما وكما صار أساس فضيلة نبينا صلى الله عليه وآله مبنياً على الكتابين المذكورين صار أساس فضيلة الشيخ الأعظم مبنياً على الكتابين المذكورين صار أساس فضيلتنا مبنياً على الكتابين المذكورين)([7]).
إن الوهم والخرافات بلغت منتهاها في هذه الأسطر المعدودة مما تجعل العاقل متعجباً متحيراً من أمر كاتبها ، ولكن الواقع يحتم علينا أن لا نعجب من الصوفية وأفعالهم الفظيعة وأقوالهم الغريبة وإن كانوا ينتمون لدائرة أتباع أهل البيت عليهم السلام .
ولا يتأثر أحد في السيد حيدر الآملي وينقل متبنياته إلا من كان لديه تأثر واضح في التصوف فتنبه ولا تغفل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مجلي مرآة المنجي،ج5،ص1728.
[2] ) مجلي مرآة المنجي،ج4،ص1262.
[3] ) روضات الجنات،ج2،ص377
[4] ) أشرتُ إلى بعضها في كتاب التصوف والعرفان تحت عنوان : (وقفات مع السيد حيدر الآملي) .
[5] ) نص النصوص،ص646.
[6] ) سورة المدثر :30 .
[7] ) نص النصوص،ص148.