المحاورات العلمية ما بين الشيخ ظافر والشيخ الكبير

رأى الشيخ ظافر الشيخ الكبير في الحرم العلوي المقدس وفي نفس مكانه ، وما أن رآه حتى بادر إليه مسرعاً ، سلم عليه بحفاوة وهو يريد استلال جواب سؤاله قبل كل شيء.
الشيخ الكبير : تريد معرفة جواب سؤالك أليس كذلك ؟
الشيخ ظافر : نعم شيخنا فقد راجعت اللامتناهي في الكتب التي ذكرتموها.
الشيخ الكبير : أحسنت يا بني والآن استخرج ورقة واكتب ما أقول لك ؛ لكي تتأمل فيه جيدا : إن إطلاق اللامتناهي على الخالق عز وجل يستلزم القول بأن المخلوقات جزء منه أو القول بأن المخلوقات لا وجود حقيقي لها ، وإنما هي وهم وخيال ومع عدم الالتزام بكلا القولين لا يمكن فرض وجود اللامتناهي إذ ينتهي بوجود غيره . بل لا يمكن تصور وجودين غير متناهيين ، لأن وجود الأول ينتهي بوجود الثاني كما أن وجود الثاني ينتهي بوجود الأول وحينها لا يمكن تصور اللامتناهي في أي منهما ؛ ولهذا كان يقول يقول بعض شراح التجريد : عدم الملكة عبارة عن عدم خاص وسلب شيء عما من شأنه أن يتصف بالملكة () ؛ فاللامتناهي مختص بمن شأنه الاتصاف بالتناهي وهو من أوصاف الكم() فلا يصدق على الباري عز وجل ولا يمكن نعته به .
إن نفي الحد عن لله عز وجل لا يدل على نعته باللامحدود واللامتناهي وإذا تكلمنا بمنطق نفي الحد يسوغ النعت بعدم الحد يكون نفس النعت بعدم الحد هو من الحد وهو معنى من معنى حده والإشارة إليه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام : (من جهله فقد أشار إليه ومن أشار إليه فقد حده . ومن حده فقد عده)(). لأنّه عندما ينتهي حد الأول يبدأ حد الثاني أي عده.
وعنه عليه السلام :(ولا صمده من أشار إليه)().
إن الإشارة إليه بالحد (لا محدود) والإشارة إليه المطلقة بعدم الحد (اللاتناهي) كليهما على حد سواء ممتنعة في حقه تعالى بعدم الإمكان والجواز.
وبعبارة أخرى : كما أن حده والإشارة إليه تعالى بحد من الحدود غير ممكن الإشارة المطلقة ممتعة أيضا إذ من الإشارة نعته بالمتناهي واللامتناهي. ().
ولا يفوتك يا بني أن عدم إمكان وصف الباري باللاتناهي نظير عدم إمكان الإشارة إليه بالأين والكيف كما روي في ثلة من الأخبار().
أتم الشيخ ظافر ما أملاه عليه الشيخ الكبير وودعه باستغراب شديد كيف لي طوال هذه السنين أقول لا متناهي ولم ألتف إلى إن إطلاق اللامتناهي على الخالق عز وجل يستلزم القول بأن المخلوقات جزء منه أو القول بأن المخلوقات لا وجود حقيقي لها ، وإنما هي وهم وخيال ومع عدم الالتزام بكلا القولين لا يمكن فرض وجود اللامتناهي إذ ينتهي بوجود غيره . بل لا يمكن تصور وجودين غير متناهيين.
وعند المساء أخذ ينظر إلى ما أملاه الشيخ الكبير عليه فخطر في ذهنه ليست المعضلة في الاصطلاح فبعض الفلسفات أطلقته على معانٍ والفلاسفة الإسلاميون أرادوا به الله عز وجل ، وقال ليت هذا خطر في ذهني عندما كنت مع الشيخ.
وفي صباح اليوم التالي بينما هو يمشي في أحد أزقة النجف القريبة من الحرم وإذا به يقابل الشيخ فاستغل الفرصة وألقى عليه عبء التفكير والسؤال الذي شغله .
فأجابه الشيخ الكبير : إن القول بعدم إمكان نعت الله تبارك وتعالى باللامتناهي توجد عليه بعض الإشكالات المترسبة من الأثر الفلسفي فلا بأس عليك من طرحها والإشارة إليها كلما خطرت في ذهنك إتماماً للفائدة وإيضاحاً للمطلوب ، ولكل واحد من الإشكالات والإجابة عنه صلة بغيره فلا تتكون صورة واضحة إلا بمجموعها منضمة إلى بعضها الآخر . وأما بالنسبة لِما سألت عنه : نعم ليست المعضلة في الاصطلاح فيما لو ذهبنا إلى أن الصفات غير توقيفية ، أما لو قلنا بتوقيفية الأسماء يكون مجرد الاصطلاح حينها محل إشكال.ولو تجاوزنا توقيفية الأسماء وتكلمنا في إمكان إطلاق الاصطلاح على الباري عز وجل لكان عدم إمكان وصحة ذلك كما قلت لك سابقا ؛ إذ تصور وجود اللامتناهي إلى جنب وجودات في الوجود غير ممكن إلا إذا التزمنا بأنها (الوجودات) عبارة عن أوهام وخيالات كما قال بذلك بعض الصوفية ، وهو مما لا نلتزم به قطعاً.وهذا الجواب لا يخلو من الخدش فيه كما سيظهر من الإشكال الثاني ونفيه.
ودع الشيخ ظافر الشيخ الكبير وهو يشعر أن الموضوع طويل الذيل وفيه الكثير من الكلام والإشكالات ما لم يستوفها ويحط بأجوبتها لا يمكنه الخروج بنتيجة مجدية فقرر أن يتأمل في الموضوع كثيرا حتى يستوفي جوانبه ومن ثم يعرضه على الشيخ الكبير وبعد ذلك أما أن يغير وجهة نظره ويقول بصحة : (اللامتناهي) وأما هو يصرف النظر عن هذا المصطلح ولا كرره على لسانه مرة أخرى.
وأخذ الشيخ ظافر يتأمل فيما أملاه عليه الشيخ يكرر النظر فيه وكلما خطر في ذهنه شيء أو تذكر ما له صلة به دونه في سجل خاص وبعد أيام مضت من الكتابة والإضافة إلى جنب الحذف والتعديل شعر أنه لملم المهم من أطراف البحث وما سوى ذلك يكن سوى تفريعات وتتمات تأتي لاحقا لا تؤثر على أساسيات الموضوع ولذا قرر أن يلتقي بالشيخ.
وبعد يومين ذهب لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشاهد الشيخ الكبير في نفس مكانه إلى جنب قبر المقدس الأردبيلي فسلم على الشيخ وجلس أمامه وباشره الحديث : شيخنا لقد فكرت في موضوع اللامتناهي وكتبت فيه بعض الحيثيات والإشكالات ؟
فقال له الشيخ الكبير : نعم يا بني بكل سرور ولا تنسى تجلب مع ما كتبته لعلنا ننتفع به ، وحينها ابتسم الشيخ ظافر وعَلَتْ ابتسامة مثلها وجه الشيخ الكبير ثم ودعه وانصرف .
وفي الأسبوع القادم قصد زيارة أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ معه السجل على أمل اللقاء بالشيخ الكبير ، وبعد ما تشرف بزيارة الأمير عليه السلام وقراءة زيارة أمين الله التي اعتاد الزيارة بها كلما تشرف بالحرم المطهر لمح مكان الشيخ الكبير ، وشاهد لحيته البيضاء وكأنها أبواب مشرعة للسائلين ، اقترب منه وسلم عليه وعلى الجالسين من حوله وهم يسألونه وهو يجيبهم ؛ فانتظر إلى أن ينتهوا من أسألتهم ، وما أن انصرف آخرهم بادره الشيخ الكبير قائلا : كيف حالك يا بني هل أحضرت السجل الذي دونت فيه؟
الشيخ ظافر : نعم شيخنا أحضرته وأخذ الشيخ ظافر ينظر في السجل وهو يقول : شيخنا إذا كان المقصود باللاتناهي هو المفهوم المادي فهذا ممتنع ، وأما إذا كان المقصود باللاتناهي المعنى المجرد غير المادي لا يلزم القول بعدم التناهي إلا على فرض وهم الموجودات فيصح وجوده ولا يتناقض مع الموجودات.
الشيخ الكبير إن الله عز وجل لا يتصف بالمتناهي واللامتناهي حتى يقال يشكل فرض التناهي إذا كان مادياً ويصح إذا كان غير مادي حيث نفي الحد عنه تعالى كما روي في عدة نصوص لا يعني نعته باللامحدود لأن نفي الصفة لا يسوغ النعت بنقيضها ؛ فإذا كانت أسماؤه لا تنفد هل يا ترى يصح لنا وصفه باللانافد وإذا كانت لا تتغير ولا تتبدل فهل يصح وصفه باللامتغير واللامتبدل؟!
الشيخ ظافر نصفه باللامتناهي لأن صفاته غير متناهية.
الشيخ الكبير : نحن لا ندرك حقيقة صفاته وليس المتعقل لنا منها سوى سلب نقائضها كما روي في عدة أخبار من ضمنها ما روي عن الإمام الرضا عليه السلام : (وإنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا.. ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شيء من الأصوات.. وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته)().
فإذا كانت صفاته غير مدركة لنا كيف لنا وصفها بالتناهي أو عدم التناهي ، وإذا لم يكن لنا نعتها (الصفات) بالتناهي كيف لنا نعت الله به.
وبعضهم أراد تصحيح المصطلح بقوله ليس بإمكان البشر تصور اللامتناهي ، وكأنه من الحقائق المسلمة لديه وليس لنا رفضه إلا القول بعجزنا عن إدراك تصوره().
الشيخ ظافر : العقل يقضي بأن وصف الله باللامتناهي أما نثبته ونقول هو لا متناه أو ننفيه ونقول هو متناه لأن النقيضين لا يرتفعان.
الشيخ الكبير : بداية يتطلب إثبات أن الفرض من الموارد التناقض ثم التأسيس والتفريع عليه إذ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، وكما يقولون : ثبت العرش ثم انقش ، وذلك لأن الله لا يمكن وصفه بالمتناهي واللامتناهي حتى يُقال العقل يُحتم وصفه بأحدهما ، يا ترى هل يصح وصف الحائط بالبصر والعمى ؟! وهل يصح نعته بالعلم والجهل والبلادة والجنون ونحوها من الأوصاف أم أن هذه الأوصاف مختصة بمن شأنه الاتصاف بها. وبعبارة أخرى تصح هذه الأوصاف فيمن شأنه أن يتصف بالملكة وعدمها لا مطلقا . ومثل ذلك اللامتناهى ــ الذي هو عدم للمتناهي ــ فإنه لا يصدق على شيء إلا أن يكون من شأنه التناهي.وتقدم ما جاء في المعجم الفلسفي (اللاتناهي صفة اللامتناهي في الكم أو في الكيف)(). والله يجل عن الكم والكيف فلا يوصف باللامتناهي.
ولربما يخطر في الذهن تساؤل قريب مما تقدم : في الواقع هل الله تعالى متناهٍ أو لا متناهٍ ؟
والجواب : نحن لا نعرف كنه الذات لكي ننعتها بالتناهي أو اللامتناهي ، وهذا من التفكر في الذات المنهي عنه في النصوص الدينية . نعم ننفي أن يكون التناهي صفة من صفاته وبعبارة أخرى : ننفي صفة التناه أن تكون من صفاته ، أما نعت الله عز وجل بالمتناهي أو اللامتناهي غير ممكن.
الشيخ ظافر : روي عن الإمام الرضا عليه السلام في نفي ما لا يليق بالباري عز وجل : (هو ليس بجسم ولا صورة ، لم يتجزأ ، ولم يتناه ، ولم يتزايد ، ولم يتناقص)() فلِمَ لا يصح نعت الله باللامتناهي لأنه ورد فيه : (ولم يتناه)؟
الشيخ الكبير : يوجد فرق بين نفي الصفة وبين نعته بعدمها إذ الأحاديث نفت (الجزء) عن الله ولكنها لم تصفه باللاجزء ونفت (الجهل) ولم تصفه باللاجهل ونفت (الأين) عن الله عز وجل ولكن لم تصفه باللاأين ونفت عنه (الغاية) ولم تصفه باللاغاية ونفت عنه (الكيف) ولم تنعته باللاكيف..
وبعبارة أخرى : هذا الحديث ونحوه بصدد نفي صفة لا إثبات اسم لله عز وجل ، ولا يمكن نعت الله عز وجل بنقيض الصفة المنفية فنفي التناه لا يسوغ نعته باللامتناهي ونعته باللامتناهي لا يجيزه نفي التناه،ولك أن تقول نعته بنفي صفة من صفات السلب والإجلال ـــ التي يجل الله تعالى عن الاتصاف بها ــ لا يجيز نعته بضدها ؛ لأن كنه الذات لا تدركه أفهامنا ولا تناله أوهامنا ولذا لا يمكن إطلاق الاسم من خلال الضد للصفة المنفية . وكما تقدم في : (الأسماء والصفات توقيفية) قد يكون عدم الإمكان والجواز ليس لنفس ذات المعنى فحسب وإنما لما يترتب عليه من لوازم فاسدة مثلا أنه يعطى صورة عن ذات الحق غير محبذة ومرادة ، أو لكون عدم الجواز يندرج تحت التفكر في ذات الله عز وجل حيث الوصف يقتضي التصور المسبق للموصوف ، أو أنه يقود إلى ذلك ، أو أن عدم الجواز حتى لا يُتجرأ ويفتح هذا الباب لوصف الله بما لم يصف به نفسه إلى غير ذلك.وهذا الإشكال إلى حد ما نظير ما أوردته سابقا : (نصفه باللامتناهي لأن صفاته غير متناهية)
الشيخ ظافر : ورد في الراويات الله تعالى : (لم يتناه) وقول : (اللامتناهي) هو لنفي صفة التناهي فلا يفرق عن قولنا : (لم يتناه) وليس اسماً لله تعالى.
الشيخ الكبير : يوجد فرق بين نفي الصفة وبين نعته تعالى وتسميته لنفي الصفة وللتوضيح من خلال المثال : إذا أردنا نفي صفة القيام عن زيد نقول غير قائم أو لم يقم ونحو ذلك من أدوات النفي ، ولا يصح قولنا عن زيد : (باللاقائم) و (اللاقيام) حيث لم يستقم المعنى في هذين لأنهما تجاوزا نعت الصفة وكانا اسماً للذات.
ولربما يتبادر : أن التعبير بـ (اللامتناهي) غير صحيح لأن التركيب خطأ بسبب دخول لا التعريف (أل) على الحرف (لا) وهذا الاستخدام لا يجوز لأن (أل) التعريف مختصة بالدخول على الاسم() فقط وعندئذٍ يصح : (لا متناهي) بدلاً عن : (اللامتناهي) كما يصح في نعت زيد : (لا قائم) بدلاً عن : (اللاقائم).
وفي مقام الإجابة عن ذلك : (لا متناهي) و (لا قائم) غير صحيح أيضا ، أما في خصوص (لا قائم) يكاد يكون إجماع أهل اللغة على عدم جوازه ، يقول السيوطي : (وممتنع نحو زيد لا قائم ، ورجل لا قائم ، لأنه كذب ، إذ معناه لا قائم في الوجود)().
ويقول البغدادي في خزانة الأدب : (لا يجوز : كان زيد لا قائم ولا قاعد ، على تقدير : لا هو قائم ، ولا هو قاعد لأنه ليس موضع تبعيض ولا قطع)().
أي لأن الكلام ليس موضعاً للتبعيض ولا القطع أي قطع الكلام عما قبله
ويصح : (زيد لا قائم) على نحو التكرار ، يقول أبو السعادات الجزري (ت:606هـ) : (إن (لا) إذا وقعت بمعنى (غير) فلا بد من تكريرها ، تقول : زيد لا قائم ولا نائم ، فحذفوا المبتدأ ها هنا ليناسب في اللفظ (لا) التي بمعنى (ليس))().
ويقول أيضا أبو العباس الحلبي (ت:756هـ) : وتكرّرت (لا) لأنها متى وقعت قبل خبر أو نعت أو حال وجب تكريرها ، تقول : زيد لا قائم ولا قاعد ، ومررت به لا ضاحكا ولا باكيا ، ولا يجوز عدم التكرار إلا في ضرورة ، خلافا للمبرد وابن كيسان)().
وبعد ذلك : (زيد لا قائم) لا تصح إلا بتكرارها وفي قولنا : (لا متناهي) الذي هو محل الكلام لا تصح مجردة من غير تكرار ، ولا يمكن تكرارها ؛ ففي كلتا الحالتين لا تصح ؛ أما كونها من غير تكرار لأنها نعت للذات بواسطة نفي الصفة وأما التكرار فممتنع فيها (لا متناهي) ؛ إذن (لامتناهٍ) هي نعت للذات وليست نفياً للصفة.
ويجدر هنا ذكر كلام السيد الخوئي رحمه الله : (أن أخذ عدم العرض في الموضوع لا يقتضي بطبعه إلا أخذه على ما هو عليه ، من كونه عدماً محمولياً ، على ما هو الحال في القضايا السالبة ، مثل قولنا : (زيد ليس بقائم) ، فإن النسبة السلبية فيها لا تحكي إلا عن عدم الربط بين القيام وزيد في الخارج . وأما أخذه فيه ــ أي أخذ عدم العرض في الموضوع ــ ناعتياً كما في موارد الموجبة معدولة المحمول ، كما في قولنا : (زيد لا قائم) ، فيحتاج إلى عناية زائدة ، بأخذ خصوصية في الذات ملازمة لعدم المحمول ، فإن كان هناك ما يدل عليها فهو ، وإلا فالأصل يقتضي عدمه)().
والمراد من كلامه هو ما جاء في : (زيد لا قائم) أخذ عدم العرض في الموضوع ناعتيا أي نعتا للموضوع.
والقضايا المعدولة مثل : (زيد لا قائم) ونحوها من سائر القضايا مما حُكم فيه بثبوت أمر عدمي لموضوع يُعتبر فيه السلب من حيث سلب الملكة ، أي في موضع يمكن فيه تحقق الملكة ؛ فلا يصدق : ( الجدار لا بصير ) لأن الجدار لم تكن له القابلية على الاتصاف بملكة البصر وعدمها .
الشيخ ظافر : أن اللامتناهي يصح إطلاقه على الخالق عز وجل بنص دلالة الكثير من النصوص الدينية التي تنفي الحد عنه وهذا يلزم صحة نعته باللامتناهي (اللامحدود) وإطلاقه عليه().
وبعد هذه الأحاديث الكثيرة التي تنفي الحد لِمَ لا يصح وصف الباري بـ : (اللامتناهي)؟
الشيخ الكبير : هذه الأحاديث بصدد نفي الحد (التناهي) لا إثبات (اللاتناهي) ، ومضافا إلى ذلك توجد عدة أحاديث تدل على أن الأسماء والصفات توقيفية أي تدل على الأمر بوصف الله بما وصف به نفس ، وهذه الأحاديث بما لها من أمر شرعي من الاقتصار على وصف الله بما وصف بنفسه إلا أنها مع ذلك ترشد إلى عدم نعت الله بغير ما وصف به نفس ولازمه كل وصف لم يرد على لسان الشرع هو غير صحيح ويلزم منه ما لا يليق بالباري عز وجل.
ولا يغب عنك أن الأحاديث كثيرة جدا بعدم وصف الله إلا بما وصف به نفسه ولكن مع ذلك يوجد من يتجاهل الأحاديث ويبتدع صفات من تلقاء نفسه وهذه من الجراءة على الله عز وجل والمخالفة الصريح للحديث ، وما ذاك إلا بسبب الأثر السيئ للفلسفة في علم الكلام . واللامتناهي نظير ما وصوفوا به الباري تعالى بمثل : (واجب الوجود) (علة العلل) (أصل الأصول) (غيب الغيوب) (الضرورة الأزلية) (الطبيعة الواجبية) وغير ذلك.
وحينها انقطع الشيخ ظافر عن الكلام ولم يكن له إشكالاً آخر يمكنه طرحه أو حيثية تستوجب الخوض فيها فبادره الشيخ الكبير قائلا : يا بني لا تدع النظر في أصول الكافي وراجع معه (مرآة العقول) مستعيناً على فهم ما أبهم من معناه وأشكل من مبناه.
#حذفت الهوامش للاختصار

إن شاء الله ترون القصة كاملة حين الطبع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.