النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير (3)

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير (3)
من المعاني الباطلة التي يُقطع بكونها من الغلو:
2 ـ الاعتقاد بأن الأنبياء والأئمة يستحقون العبادة.
إن الاعتقاد بأن الأنبياء والأئمة عليهم السلام يستحقون العبادة من معاني الغلو القطعية ، وفيه ما تقدم من الاعتقاد بأنهم عليهم السلام آلهة حيث إن الذين اعتقدوا بإلوهيتهم لم يستكثروا عليهم العبادة.
3 ـ الاعتقاد بأن الله عز وجل حل فيهم .
من معاني الغلو الواضحة القول بالحلول كما نقل الشهرستاني عن البيانية أتباع بيان بن سمعان حيث قالوا أن أمير المؤمنين حل فيه جزء إلهي : (البيانية أتباع بيان بن سمعان التميمي قالوا بانتقال الإمامة من بني هاشم إليه وهو من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال حل في علي جزء إلهي واتحد بجسده فبه كان يعلم الغيب إذ اخبر عن الملاحم وصح الخبر وبه كان يحارب الكفار وله النصرة والظفر وبه قلع باب خيبر)([1]).
4 ـ الاعتقاد بأنهم أنبياء .
من الاعتقادات الباطلة التي يُقطع بعدها من الغلو الاعتقاد بأن الأئمة أنبياء كما يعتقد بنبوة الإمام الصادق بعض فرق الغلاة ؛ روي عن عيسى الجرجاني قال قلت لجعفر بن محمد : إن شئت أخبرتك بما سمعت القوم يقولون ، قال : (فهات) قال قلت : فإن طائفة منهم عبدوك اتخذوك إلها من دون الله وطائفة أخرى والوا لك بالنبوة قال : فبكى حتى ابتلت لحيته ثم قال : إن أمكنني الله من هؤلاء فلم أسفك دماءهم سفك الله دم ولدي على يدي([2]).
وقد تقدم في الخبر عن سدير الذي قال فيه للإمام الصادق عليه السلام أن قوما يزعمون أنكم رسل : (وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرؤون علينا بذلك قرآنا : [يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ] فقال : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم) ([3]).
وقد ورد عن الأئمة عليهم السلام عدة أخبار في إبطال هذا الزعم الباطل : عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : (الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله)([4]).
وعن أبي العباس البقباق ، قال : تدارء ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس ، فقال ابن أبي يعفور : الأوصياء علماء أبرار أتقياء ، وقال ابن خنيس : الأوصياء أنبياء ، قال : فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام قال : فلما استقر مجلسهما ، قال : فبداهما أبو عبد الله عليه السلام فقال : يا أبا عبد الله أبرأ ممن قال أنا أنبياء([5]).
وعنه عليه السلام : (من قال إنا أنبياء فعليه لعنة الله ، ومن شك في ذلك فعليه لعنة الله)([6]).
عن أبي بصير ، قال ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا محمد أبرأ ممن يزعم أنا أرباب قلت : برئ الله منه ، قال : أبرء ممن يزعم أنا أنبياء قلت : برئ الله منه([7]).
وعن الإمام الرضا عليه السلام : (من ادعى للأنبياء ربوبية وادعى للأئمة ربوبية أو نبوة أو لغير الأئمة إمامة فنحن منه براء في الدنيا والآخرة)([8]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) الملل والنحل،ج١،ص١٥2.
[2] ) شرح إحقاق الحق،ج12،ص236.
[3] ) أصول الكافي الكافي،ج1،ص٢٦٩.
[4] ) أصول الكافي،ج١،ص٢٧٠.
[5] ) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)،ج2،ص515.
[6] ) اختيار معرفة الرجال،ج2،ص590.
[7] ) اختيار معرفة الرجال،ج2،ص587.
[8] ) عيون أخبار الرضا،ج2،ص217.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.