النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(19)

 

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(19)

إن جريرة الغلاة التي يؤاخذون عليها لم تكن الغلو فحسب ، وإنما يدانون على العواقب الوخيمة الناجمة من تبعات الغلو كصد الناس وأبعادهم عن طريق معرفة أهل البيت عليهم السلام ، لأن بعض الناس عندما تشمئز من الغلو والغلاة تبتعد مع ذلك عن معرفة مناقب أهل البيت عليهم السلام  وما خصهم الله تعالى به من عظيم المنزلة فكما أن النواصب جحدوا مناقبهم عليهم السلام وصدوا الناس عنها وعن معرفتهم كان للغلاة نفس الأثر السيئ في ذلك إلا أن هؤلاء من غير قصد وأولئك بقصد وعمد.

ومن تبعات الغلو وكذب الغلاة على الأئمة عليهم السلام أن بكذبهم يسقط الناس الصحيح من كلامهم ومناقبهم ، وبذلك يكون الغلو من الدوافع والموجبات المؤدية للتقصير وجحد الصحيح من الأخبار فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام : (إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس)اختيار معرفة الرجال،ج2،ص593..

ونظير ذلك ما يحصل في زماننا من الالتجاء إلى نقل المناقب النادرة التي لا تتحملها الناس فينفرون من عامة المناقب ، مع أن مناقب أهل البيت عليهم السلام المشهورة كثيرة ومستفيضة ، ومنها ما هو متواتر في مصادر المسلمين من الخاصة والعامة ؛ فلا يتطلب أن تبحث عن المناقب النادرة والغريبة في معناها وتنقلها ؛ لأن هذا خلاف الدعوة بالحكمة ، وخلاف مخاطبة الناس على قدر عقولها ، ولربما كان بعضها من الأسرار التي نهى الأئمة عليهم السلام عن إذاعتها.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.