مرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(21) ثلاث قواعد منهجية في الغلو والتقصير

 

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(21)
ثلاث قواعد منهجية في الغلو والتقصير
القاعدة الأولى : الإمكان والوقوع :
إن الإمكان والوقوع منهجية عامة وجارية في الغلو ؛ فكل شيء يمكن إثباته للأنبياء والأئمة عليهم السلام على نحو الإمكان بمعنى أن فرض ثبوته لم يكن من الغلو نسبته إليهم واقعا من خلال الأحاديث المروية لم يعد من الغلو . ونفس الأمر في التقصير فكل منقبة يمكن نسبتها إلى الأنبياء والأئمة عليهم السلام على نحو الإمكان بمعنى أن نسبتها لم تعد من الغلو يكون نفيها في حال مجيء الأخبار بها يعد من التقصير.وأقل ما يقال فيه أن النفي لم يكن مستندا إلى منهج علمي.
القاعدة الثانية : كل مناقب الأنبياء الأئمة بإذن الله تعالى:
إن كل المناقب والكرامات وما للأنبياء والأئمة عليهم السلام من قدرة وتصرف كلها بإذن الله عز وجل ولم يكن لهم الاستقلال فيها . وهذه القاعدة تنفع في فهم بعض الأخبار التي يُستظهر منها مخالفة الأحاديث الكثيرة إذ يكون المثبت في الأخبار الكثيرة هو بإذن الله تعالى مثل الاطلاع على علم الغيب ، والمنفي هو عدم الاطلاع من غير إذن الله وإرادته.
القاعدة الثالثة : الأخذ بالأخبار المستفيضة وذر الآراء المعارضة لها :
إن الأخبار المستفيضة القطعية الدلالة إذا دلت على منقبة معينة لا مناص من الأخذ بها ولا قيمة تُذكر للآراء ووجهات النظر قبالها ؛ لأن رد الأخبار المستفيضة القطعية الدلالة أو القول بخلافها لم يكن وفق الموازين الشرعية حتى تكون تلك الآراء محل نظر .ومن غير المستبعد أن يكون القول بها ناجم عن قلة اطلاع على تلك الأخبار وليس هذا بالشيء الغريب إذ الكثير من المصادر لم يتسنى لكل أحد الاطلاع عليها.
كما أن من يعير أهمية لمثل هذه الآراء هو ممن التبس عليه الحال ولم يعرف متى يكون الخلاف في محله والآراء فيه محترمة ذات قيمة وطابع علمي ومتى تكون فاقدة لهذه المعايير . ومن هنا كان يقول العلامة المجلسي إن الأخبار في تفضيل الأئمة ــ ما عدا الرسول الأعظم ــ على الأنبياء أكثر من أن تحصى ولا يأباه إلا جاهل بالأخبار حيث يقول : (فضل نبينا وأئمتنا صلوات الله عليهم على جميع المخلوقات وكون أئمتنا عليهم السلام أفضل من سائر الأنبياء ، هو الذي لا يرتاب فيه من تتبع أخبارهم عليهم السلام على وجه الإذعان واليقين ، والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ، وإنما أوردنا في هذا الباب قليلا منها ، وهي متفرقة في الأبواب لا سيما باب صفات الأنبياء وأصنافهم عليهم السلام ، وباب أنهم عليهم السلام كلمة الله ، وباب بدو أنوارهم وباب أنهم أعلم من الأنبياء ، وأبواب فضائل أمير المؤمنين وفاطمة.صلوات الله عليهما ، وعليه عمدة الإمامية ، ولا يأبى ذلك إلا جاهل بالأخبار).بحار الأنوار،ج26،ص297.
وبعبارة مختصرة كما أن الأخبار المستفيضة إذا دلت على معنى من معاني الغلو نحكم عليه بالغلو ولا نتردد في الحكم عليه ولا قيمة للرأي المخالف لها في مجال المناقب نفس الميزان والتسليم للأخبار المستفيضة وليس لنا من ردها وجحودها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.