النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(24) الغلو ما بين الحقيقة والادعاء

 

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(24)
الغلو ما بين الحقيقة والادعاء
إن الغلو تارة يكون له واقع حقيقيي لا يمكن التشكيك فيه كالقول بأن الأئمة عليهم السلام أنبياء ، أو أنهم أفضل من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وغيرهما من المعاني الباطلة التي تم التطرق إليها عند بيان معاني الغلو. وتارة يكون الغلو مجرد ادعاء لا واقع له ، تابع لآراء ذات الشخص ونظره، ولم يكن تابعا لموازين الشرع ؛ فلا بد من التفريق ما بين الغلو الحقيقي والغلو الادعائي الذوقي الخاضع لتقييم الأشخاص وما لديهم من معرفة ووجهات نظرهم ، نظير بعض المعاني والأخبار في زمن الأئمة عليهم السلام كان يعدها بعض الأصحاب من الغلو ، ومنهم من لا يراها من الغلو ، بل أصبحت في زماننا من مقامات الأئمة عليهم السلام الضرورية والتشكيك فيها هو رأي شاذ يتبناه من ينطلق من خلال رؤية مادية وقراءة بشرية للأئمة عليهم السلام ، لا تُفرق بين الأنبياء والأئمة عليهم السلام وسواهم من سائر الناس.
وعلى سبيل المثال القول بأن الأئمة محدثون ، والأخبار المروية في ذلك كان بعض أصحاب الأئمة يراها من الغلو ، ومنهم من يراها منزلة للأئمة ومن المعرفة بهم والجحود بها من التقصير فقد روى الشيخ الكليني في أصول الكافي عن عبيد بن زرارة قال : أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون.أصول الكافي،ج1،ص270.
ويظهر من الخبر أن الحكم بن عتيبة الذي هو من رؤساء البترية كان منكرا لهذا المقام في حق الأئمة عليهم السلام وكان يراه من الغلو ونحوه.
ومن الأمثلة في هذا المجال : (الرجعة) فقد كان من يعدها في زمن الأئمة عليهم السلام من الغلو وفي زماننا انحسر القول بأن الرجعة من الغلو ، ولربما كان في تلك الأزمنة عدها من الغلو بسبب عدم فهمها على الشكل الصحيح ، كما فيما لو توهم أن الرجعة من التناسخ وغيره من المعاني الباطلة ، وبسبب ذلك يعد المتصور الرجعة من الغلو ، أو بسبب توهم أن الأخبار فيها من وضع الغلاة من غير التثبت من صحتها.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.