مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (4)

مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (4)

ندرة مصادر الأدعية بعد عصر السيد ابن طاووس

 إن مصادر الأدعية بعد عصر السيد ابن طاووس التي وصلت إلينا قليلة جداً مثل : المصباح والبلد الأمين للكفعمي (ت:905هـ) ، وبعض تلك المصادر الغالب فيها التحدث عن شروط الدعاء وآدابه ولم يكن بصدد استقصاء الأدعية ولم يرد فيها دعاء عرفة أصلا مثل عدة الداعي لابن فهد الحلي (ت:841هـ) . ومن كتب الأدعية المعروفة كتاب (مفتاح الفلاح) للشيخ البهائي (ت:1031هـ) وهو لم ينقل دعاء عرفة ، وكتاب (زاد المعاد) للعلامة المجلسي (ت:1111هـ) جاء فيه الدعاء من غير التتمة . وإذا ما كانت مصادر الأدعية قليلة جداً بعد زمن السيد ابن طاووس ، والتي جاء فيها دعاء عرفة من غير التتمة التي هي محل كلام لا ترقى لخمسة مصادر يكون عدم مجيء التتمة لدعاء عرفة فيها لا يُشكلُ قرينة معتد بها على نفي التتمة أو التشكيك بها.

وهذا بخلاف فيما لو كانت مصادر الأدعية التي جاء فيها دعاء عرفة كثيرة مع خلو التتمة منها ، حيث يمكن حينها للمشكك في التتمة التمسك بذلك وعده قرينة على التشكيك بها ، كما لو كانت مصادر الأدعية نحو العدد الذي كان عند السيد ابن طاووس مثلاً والذي بلغ ستون مجلداً كما ذكر في كشف المحجة : (هيأ الله جل جلاله عندي عدة مجلدات في الدعوات أكثر من ستين مجلدا)([1]).وفي مهج الدعوات ذكر أن ما لديه من كتب الدعوات أكثر من سبعين مجلدا : (هذا آخر ما وقع في الخاطر أن أثبته من الأدعية في الحال الحاضر في كتاب مهج الدعوات ومنهج العنايات ولو أردنا إثبات أضعافه وكلما عرفناه كنا خرجنا عما قصدناه فإن خزانة كتبنا في هذه الأوقات أكثر من سبعين مجلداً في الدعوات وإنما ذكرناه ما يليق بهذا الكتاب)([2]).

وتلك الكتب التي كانت عند السيد ابن طاووس كانت من الأصول القديمة والكتب المعتبرة لديه كما ذكر آقا بزرك الطهراني : (الظاهر من كلمات السيد بن طاووس في أثناء تصانيفه أن كتب الدعاء التي كانت عنده كان أكثرها من الأصول القديمة بذكر تواريخ بعضها وبوصف كثير منها بأنها نسخة الأصل أو نسخة عتيقة ، وبذكر محالها في المستنصرية أو غيرها ، ويذكر أنها قرأت على المصنف ، أو على غيره ، أو أن عليه خط فلان ، وغير ذلك من الكلمات الصريحة جميعها في أن الكتب الموجودة عنده كانت مصححة معتمدة لديه ، مروية له عن مشايخه الأعلام ، والكتاب الذي وجده ولم يكن له طريق الرواية إلى مؤلفه يصرح عند النقل عنه بأنه إنما ينقل عنه اعتماداً على التسامح في أدلة السنن([3]) وصدق البلوغ ، وبعد ملاحظة هذه الكلمات والتصريحات يطمئن كل أحد بان جميع ما يذكره السيد في تصانيفه من الأدعية والزيارات مرويات له معتمدة عليه في عمل نفسه ولاسيما بعد ما يرى منه في المقامات من تصريحه)([4]).

ومن الجدير بالذكر أن أقدم مصدر وصل إلى عصرنا روى دعاء عرفة هو : (البلد الأمين) و (مصباح الزائر) للسيد ابن طاووس ولا توجد مصادر متقدمة عليهما وصلت إلى زماننا روت الدعاء ولو أن مصادر السيد ابن طاووس وصلت إلينا لعثرنا على المصادر التي روت التتمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) كشف المحجة،ص131.

[2] ) مهج الدعوات،ص347.

[3] ) يأتي الكلام فيها إن شاء الله في عنوان : (الموضوعات لا يجوز نقلها لأخبار من بلغ والتسامح في أدلة السنن).

[4] ) الذريعة،ج8،ص177.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.