فلاسفة المسلمين طوروا حكاية العقول العشرة!
فلاسفة المسلمين طوروا حكاية العقول العشرة!
في الفلسفة اليونانية الله تعالى خلق العقل الأول ثم هذا العقل خلق العقل الثاني من غير إرادة الله تعالى والثاني خلق الثالث وهكذا إلى العقل العاشر؛ يقول الشيخ محمد جواد البلاغي (من المؤلم والمؤسف أن اسم الحكمة شاع استعماله مثلما سمي اللديغ سليما بالفلسفة اليونانية ومنها مزاعم العقول العشرة تلك المزاعم التي جحدت مقام اللَّه الجليل في الإلهية بنحو لم تجرأ عليه الوثنية بل هي عبارة مموهة عن الطبيعة إذ لم تسمح للَّه إلا بأنه علل العقل الأول بالتعليل الطبيعي بلا إرادة منه ولا اختيار فلا إرادة ولا خلق ولا مشيئة له أيضاً في غير العقل الأول من الموجودات ولا سنخية ولا ربط خلافاً لدلالة العقل والقرآن الكريم على أن اللَّه خالق الخلق بمشيئته وأن العالم صادر عن خلق وإرادة . إن التشبثات لهذه المزاعم مردودة بالحل والنقض ولزوم التناقض وسخافة ابتنائها في عدد العقول على موهومات الهيئة القديمة في الأفلاك)([1]).
أي أن الله تعالى خلق العقل الأول دون سائر العقول ، وخلقه للعقل الأول من غير إرادته بناءً على المعلول الفلسفي الذي يقتضي وجود المعلول عند وجود علته (الله تعالى) من غير فاصل واختيار
ويقول الشيخ البلاغي أيضا : (إنكم لتعترفون بالإله وان هذا كله من خلقه وإنعامه فما بالكم تجعلون معه آلهة ولو بزعم أنها من تنزلات الإلهية . أو أنها منبثقة من الإله . أو أنها مظاهره . أو بناء على مزاعم العقول العشرة وأنه لا يمكن أن يصدر من اللَّه إلا العقل الأول تعالى اللَّه عما يصفون)([2]).
ولكن فلاسفة المسلمين طوروا هذا المعتقد اليوناني! وقالوا بأن الله أوجد العقل الثاني من الأول والثالث من الثاني وهكذا ، وليس كما ذهب إليه فلاسفة اليونان بأن الأول أوجد الثاني والثاني أوجد الثالث من غير إرادة الله.
والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (ت:1373هـ) رد على من يقول أن العقول العشرة تنفي الخلق عن الله في العقل الثاني وما بعده ولربما كان ناظرا إلى رد كلام الشيخ البلاغي حيث يقول : (وليعلم أن الحكماء شرحوا هذه القضايا ونظموا هذه البيانات ونضدوها كنضد الدرر ولكن لم يذهبوا – معاذ الله – إلى أن العقل الأول خالق للعقل الثاني والفلك الأول حتى يقال في حقهم أنهم يجعلون شريكاً للحق جل وعلى في الخلق والإيجاد- حاشاهم أن يقولوا هذا ، ولم يتفوه أحد منهم بهذه المقالة الفاسدة والكلمة الفاضحة كيف وجميع طوائف الحكماء اتفقوا على أنه (لا مؤثر في الوجود إلا الله) بل مرادهم أن كل عقل بالنسبة إلى الآخر واسطة للفيض ومعدّ للوجود له بمعنى أن الحق جل وعلا يفيض الوجود إلى العقل الأول ابتداء والى العقل الثاني والفلك الأول ثانياً وبالواسطة)([3]).
وقد فات الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء أن أصل المعتقد اليوناني كان يقول بخلق العقل الأول للثاني…وبعد إجراء التعديل عليه من قِبل فلاسفة المسلمين قالوا بأن الله خلق الثاني من الأول.. وبعبارة أخرى فات الشيخ كاشف الغطاء التفصيل بين معنى المعتقد عند فلاسفة اليونان ومعناه بعد التعديل عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) آلاء الرحمن في تفسير القرآن،ج1،ص237.
[2] ) الآلاء الرحمن في تفسير القرآن،1،ص76.
[3] ) الفردوس الأعلى،ص35.