خرافات فلسفية (12) الفلسفة الإسلامية ما بين الادعاء والشواهد

خرافات فلسفية (12)

الفلسفة الإسلامية ما بين الادعاء والشواهد

إن الكتب التي أشادت بالفلسفة الإسلامية وشرقت وغربت بكلام طويل عريض لم تتنزل لذكر الشواهد وبقيت عاتية في شعاراتها لأن التنزل لميدان الشواهد والمصاديق يعني القضاء على تلك الدعوة ويجردها عن محتواها وحينها ينكشف لذي عينين كذب المدعى وزيف السراب.

وقد غررت هذه الكتب ببعض القراء الذين يقبلون الحقائق تبعا لأفواه الرجال لا على أساس المعرفة والحقيقة وجعلتهم يلوكون شيئا لا أساس له من الواقع.

وإذا ما رأيت شخصا يصر على وجود الفلسفة الإسلامية لا تجهد نفسك معه واطلب منه أن يعرج قليلا على ذكر الأمثلة والشواهد ستجده يرجع القهقري سريعا ويعيد نظره فيما تلقاه!

وقد يُقال أن المراد بالفلسفة الإسلامية هو موافقة فلسفة اليونان وغيرها من الفلسفات للإسلام .

ولكن مما يلاحظ على ذلك أن الموافقة على فرض وجودها تكون بعد التأويل للنصوص ولي عنقها لأنه لا توجد موافقة قطعية وصريحة في البين .

ثم إن الفلسفة الإسلامية لو كانت هي موافقة أفكار اليونان وغيرها للنصوص الدينية لم يتحصل لدينا معارف جديدة إضافية وكانت القيمة للنصوص الدينية حيث لا شيء مضاف ومستجد بعد النصوص.

ولربما يُقال أيضا أن المراد بالفلسفة الإسلامية ما لم تكن متقاطعة مع الإسلام وهنا تتوسع دائرة الفلسفة الإسلامية أكثر مما إذا كانت مقتصرة على الموافقة حصرا.

وهذا القول وإن كان يبدو مقبولا أكثر من الموافقة إذ الموافقة بعيدة المنال والتحقق إلا أنه يرد عليه :

أولا : صحة تسمية علوم الطب والفلك والطبيعة .. بالعلوم الإسلامية وهذا مما لا يلتزم به أحدٌ .

ثانيا : القول بعدم المخالفة لا يخلو من تعسف في كثير من الأحيان ، إلا أن هذا إشكال مصداقي لم يتعرض وينقض أصل الفكرة ومفهومها . نعم إذا كانت كل المصاديق جارية على نحو التعسف يمكن أخذه كاعتراض على أصل الفكرة إذ تكون زعما يبدده الواقع ويرفضه.

ثالثا : لكل من الإسلام واليونان معالم ومعارف قائمة بذاتها فتسمية ما لأحدهما باسم الآخر وإدراجه ضمن مصاديقه لا يتسم بشيء من العلم والموضوعية.  

ثم إن المتداول في كتب فلاسفة الإسلام حتى المتأخرين منهم لم يختلف عن الفلسفات الدخيلة على الإسلام ولا تجد فكرة فيها إلا ومعلومة الأصول والفروع في تلك الفلسفات.

وكما قلت آنفا التنزل لبيان المصاديق وذكر شواهد للفلسفة الإسلامية المزعومة يحط دعوى هؤلاء المدعين ويحبطها بشكل جلي ولذا كان وقوفهم على التل بعيدا عن التعرض لمصاديق الفلسفة الإسلامية أسلم لهم وأكثر تغريرا لمدعاهم.   

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.